خطر الحرص على الجاه والأضواء
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما ذئبانِ جائعانِ أُرسلا في غنمٍ بأفسدَ لها من حِرْصِ المرء على المال والشَّرَفِ لدِينهِ).
أي: إن الحرص على المال والجاه أفسدُ للدِّين من الذئب الجائع إذا انطلق في غنم فعاث فيها قتلاً وإصابةً، فقلَّما يسلم منها شي.
وفي البيئة الوظيفية -ومنها بيئة تعليم القرآن- قد يقع في قلب العاملة في هذا المجال حرص وتطلع إلى الأضواء والجاه والمناصب والسمعة، وهذا حرص مذموم، وخطير على القلب، وآفة على الديانة، قد يحصد الدين كما يحصد الذئب الجائع الغنم. والحرص في هذا المجال نوعان:
أولهما: الحرص على تحقيق الجاه والشرف عن طريق المناصب، فيبذل الإنسان الأسباب لتحصيل هذه المكانة، ويبذل جهوده لأجلها ويتطلع إليها، ويزيل من طريقه الأسباب التي تعيق ذلك، حتى لو كان ذلك بأذى الآخرين، وتقديم التنازلات عن القيم والمبادئ، وهذا مزلق خطير على النية، ولايعان من جعله هدفه على أمره، ولا ينفع في العادة.
ثانيهما: الحرص على تحقيق الجاه والشرف بالعلم والتعليم والدين والعبادة، وهذا أقبح من النوع الأول؛ لأنه جعل الدين وسيلة إلى الدنيا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(من تعلم علمًا مما يُبتغَى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا؛ لم يجد عَرْفَ الجنة يوم القيامة – يعني ريحها)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار).
ومن هنا وجب على من تعمل في مجال تعليم القرآن – أو غيره – أن تحذر من الحرص على طلب الشهرة والأضواء والمناصب، وأن تجعل وجه الله والدار الآخرة نصب عينيها في أي موقع تعمل فيه، فإذا خالفت ذلك وُكِلت إلى نفسها.
وهذا بطبيعة الحال لا يعني العزوف عن الاضطلاع بالمسؤولية لمن انقادت إليه بغير حرص، وكان أهلاً لها، ولم يوظفها لتحصيل الثناء والمدح والجاه والأضواء.